مسارات وقف وإنهاء الحرب
- طبيعة البحث أوالدراسة: ورقة علمية
- بواسطة : د.عبد العظيم حسن
- التاريخ: 20/07/2024
- العنوان: المشاركين في ملتقى القاهرة لوقف حرب السودان
- رابط الموقع الجغرافي: رابط الموقع الجغرافي
- البريد الإلكتروني: azim.hassan.aa@gmail.com
-
الداعمين و الممولين:
النص
بسم الله
الرحمن الرحيم
معنون إلى:
المؤتمرين بالقاهرة من رموز وطنية وقوى
سياسية ومنظمات مجتمع مدني وغيرهم من المشاركين في ملتقى القاهرة لوقف حرب السودان.
السادة المنظمون والمؤتمرون والحضور
والإعلاميين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بعد مضي أكثر من تسعة أشهر على الحرب التي تعصف بوطننا الحبيب.
حرب، وبالإجماع لن يكون الخاسر فيها إلا الوطن وشعبه. حرب لم تحرق نيرانها إلا المدنيين
العزل الذين يتضورون جوعاً وتشريداً وتهجيراً ونزوحاً. آلة هذه الحرب الموجهة ضد
المواطن لم تنجح إلا في القتل والنهب والاغتصاب والتدمير الممنهج للبينية التحتية
الهشة.
التعاطي مع هكذا واقع يلزمنا كرموز ودنية وقيادات سياسية أن نرتقي
مسؤوليتنا والوقوف بجانب شعبنا وتبصيره بما له من حقوق أساسية وحريات عامة التزاماً
بسيادة حكم القانون. ذات الواجب يحتم علينا ابتدار سياق سياسي يضع حداً لهذه
الحرب. التزاماً بذاك بالواجب الوطني والمهني رأينا أن نطرح لشعبنا العظيم بمختلف
مقاماته وانتماءاته هذه الرؤية لتكون بمثابة الإجراءات والتدابير التي يمكن أن
تؤسس مع غيرنا مشروعاً لا يستهدف وقف الحرب وإنما اجتثاثها من جذورها.
بكل تواضع نعتقد إن وقف هذا النوع من الحروب لا يتحقق بالتمني وإنما
بإرادة ووحده وإدارة مراحل إنهائها بواسطة كل المكونات المؤمنة بالحق المشروع في
الحياة وإجبار المتحاربين ليضعوا السلاح وينخرطوا في مسارات وقفها وذلك طبقاً لما
يلي:
أولاً: أسباب اندلاع الحرب:
انطلقت حروب السودان الحديث مع إعلان
استقلاله، والقاسم المشترك بين أسباب اندلاع كل هذه الحروب غياب المشروع الوطني
الذي يحدد كيف يحكم السودان. فالصراع المستمر على السلطة والذي اتخذ شكل الدائرة
الخبيثة بين انتقال مدني محدود وقبضة عسكرية في أغلب الأوقات شكّل علامة فارقة لاستحقاق
السودان للجوائز العالمية في عدد الانقلابات العسكرية. هذا الصراع على السلطة لم
يهدد المركز وحده وانما امتد لتصبح كل أقاليم الوطن هامش.
بالمقارنة مع الحروب الأخرى تعد حرب
الخامس عشر من أبريل الأعنف والأكثر دموية وتمدداً. غياب التداول السلمي للسلطة
وعدم التوزيع العادل للثروة أثارت النعرات وفككت المؤسسات لصالح الموالين للأنظمة
الحاكمة مدنية كانت أو عسكرية. بسبب الصراع على السلطة ضرب الفساد كل هياكل الدولة
بما فيها المؤسسات العسكرية والعدلية والتعليمية لتكون المحصلة الانهيار والتآكل
الذاتي.
ثانياً: مسارات وقف وإنهاء الحرب:
1. المسار المعنوي:
لقناعة غالبية الشعب بأن هذه الحرب لم
تندلع إلا نتيجة طبيعية للصراع على السلطة والثروة ومن ثم تعمل كحاجز أمام مشروع
التحول المدني الديمقراطي، فإن وقف هذه الحرب يكمن وبصورة مباشرة في أن يتوحد كافة
السودانيين والسودانيات على إجبار أطراف الحرب بإيقافها وفوراً. بذات الوقت
لابد أن تعمل كافة أطياف الشعب على التمهيد للحكومة المدنية القوية القادرة على
بسط الأمن وتوفير معاش الناس. صراع السلطة في السودان لم ينشأ بين العسكريين
بمفردهم وإنما بتحريض وآلة دفع مدعومة من مجموعات محلية وأجنبية. بالتالي فإن هذه
الحرب لن تتوقف ما لم تتوجه كل إمكانيات وقدرات المجتمع السوداني نحو إنزال كل الرايات
الملونة ما عدا راية الوطن. نعني بالرايات الملونة الشعارات التي تزكي العنصرية
والجهوية والمذهبية سواءً اتخذت شكل تحالفات أو غيرها. وبحكم أن رايات الأحزاب
السياسية من ضرورات التنوع والتحول الديمقراطي فإن كافة رايتها في هذا التوقيت
بالذات مطلوب منها التنافس على دعم المواطن ليتخذ موقفاً مناهضاً لأي استخدام لآلة
الحرب ضده أو ضد أي مقاتل آخر وذلك لأن هذه الدماء التي تسيل كلها دماء سودانية
غالية.
2. المسار العملي:
الحروب عندما تندلع تتقاطع وتتعدد
فيها المصالح، ووقفها لا يتحقق بمجرد الرغبة وإنما بالإرادة المشمولة بضمانات
موضوعية تستوعب الأسباب والحلول بصورة عملية وتدريجية. أي أطروحات عملية تهمل
الجوانب المعنوية سوف لن تنهي الحرب.
.
تأكيداً على ما سبق فإن أهم المعايير
والإجراءات المادية لإنهاء هذه الحرب تتمثل في،
أ. دعوة رموز
المجتمع وكافة القوى والأحزاب السياسية ومنظومات المجتمع المدني ولجان المقاومة
والشخصيات القومية للتوقيع على ميثاق إيقاف الحرب، والذي نقترح أن يشمل ولا يقتصر
على ما يلي:
1. أن
الأولوية لأي عملية سياسية محدودة هو وقف الحرب،
2. التفاوض لإيقاف الحرب لا يعني الاعتراف
بأي دور للمشاركين في التفاوض في مستقبل السودان السياسي.
3. ضرورة الخروج الفوري لكل القوات المتحاربة من بيوت المواطنين
والمرافق والأعيان المدنية وذلك دون قيد أو شرط.
3. الإقرار بمبدأ المساءلة والتحقيق مع كل من
أشعل الحرب وعدم الإفلات من العقاب بمرور الزمن.
4. تعهد كافة الموقعين بمنع خطاب
الكراهية ونحوه من مظاهر الاستفزاز والاستقطاب الحزبي والجهوي مع دعوة كافة وسائل
الإعلام الحر لدعم رغبة السودانيين في الدخول في إجراءات وتدابير وقف هذه الحرب.
5. مطالبة المجتمع الإقليمي والدولي بمساعدة
السودانيين في تدابير وقف الحرب والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار دون قيد أو
شرط.
ب. التمثيل الحقيقي لأصحاب المصلحة في صناعة وإدارة كل مراحل
إنهاء الحرب والانتقال.
ج. للظرف الاستثنائي الذي يحول من اللجوء للانتخابات والاستفتاء
يكون ملائماً التماس المشاورات الموسعة لتسمية ما لا يتجاوز السبع شخصيات من
المشهود لهم بالحكمة والكفاءة والخبرة العلمية والعملية ليمثلوا أصحاب المصلحة مع
طرفي القتال في صناعة وإدارة التدابير الفنية للسيطرة على الجنود وفتح الطريق
لعمليات وقف الحرب دون تدخل من العسكريين في الشؤون السياسية. في جميع الأحوال يجب
أن يشتمل إعلان وقف الحرب على وثيقة حقوق تنظم إجراءات حظر التجوال وإعلان حالة
الطوارئ ونحوها من متطلبات وضمانات الحقوق الاساسية والحريات العامة للمواطنين.
د. الممثلون لأصحاب المصلحة ممن يجوز أن نطلق عليهم أهل الحل
والعقد أو الكفاءات غير المنتمية حزبياً يجب أن يراعى في اختيارهم التمثيل الجغرافي
والنوعي.
هـ. يجب أن يتزامن مع إجراءات وقف الحرب التداول المستمر للخروج
ببرامج تستوعب عمليات الإعمار والتنمية المستدامة.
و. يقع على عاتق المستشارين القانونيين لمنظمات المجتمع المدني
واجب السعي للتنسيق مع كافة المهنيين والفئويين وغيرهم من أصحاب المصلحة ليشمل
إعلان وقف الحرب كافة الوثائق والتدابير ووسائل حل النزاعات المرتبطة بكل مرحلة من
مراحل إنهاء الحرب.
ثالثاً: الإطار التشريعي لإنهاء الحرب:
استمرار المعارك في مساحات شاسعة ولخمسة
عشر شهراً متتالية بين قوات خضع بعضها للتدريب النظامي وأخرى للاستعداد الميداني
فإن احتمال وقوع الخروقات لعمليات وقف الحرب تعتبر مسألة راجحة. هذا الواقع يتطلب
أن يتبنى أصحاب المصلحة تدابير واضحة للخروج الآمن للمتقاتلين من المدن والمشهد
السياسي عبر إعلان دستوري مرن يستوعب كل المعايير السابق ذكرها لنضمن الاستجابة
السريعة لكافة للترتيبات المطلوبة لعمليات ومراحل إنهاء الحرب.
أخيراً وليس آخراً تلتزم مجموعتنا بأن تتيح هذه التجربة المتواضعة وما تضمنت من أدبيات
لكل الحادبين على مصلحة هذا الوطن، فالمبادرون مؤمنون بضرورة الحوار المفتوح والمستمر
مع كافة الأحزاب والقوى السياسية ومنظومات المجتمع المدني وكافة لننخرط جميعاً في
التداول والنقاشات المفتوحة مستلهمين التجارب المشابهة لاستيعابها في تجويد
المشروع الوطني فننجح بالمثابرة والعمل المشترك لتكون هذه الحرب آخر نزاعات
السودان المسلحة.
د. عبد العظيم حسن
ع/ محامون
مستقلون
للتواصل على
الواتساب 00249912307951